Professor Dr Helmi Al Hajjar, Attorney at law
- Litigation, legal consultation and arbitration.
- Legal advice and services in the field of real estate, financial, commercial civil and administrative contracts and in the preparation of case memorandums for submission to the court of cassation under both Lebanese and UAE laws.
- Over 25 years of experience as a practicing lawyer through his own firm in Beirut, Lebanon in addition to his experience as a judge in Lebanon for 17 years and a judge in the commercial chamber in the court of cassation in Abu Dhabi.
- Professor at the higher institute of Legal studies at the faculty of law and political and administrative sciences at the Lebanese University in Beirut.
- Registered arbitrator at the Abu Dhabi Commercial Conciliation and Arbitration Center
Address: Madame Curie Street - Next to Atlantis - Inaam Building - 6th Floor North 
Mobile: + 961 3 788848, Landline: +961 1 788889
Email: hajjar.legal@gmail.com, emihajja43@gmail.com         

Back

محاماة واستشارات قانونية

أبحاث ومقالات

مقدمة الطبعة الثانية من كتاب المشاركة في السلطة من الدستور اللبناني - سياسية وعامّة

بروفسور حلمي الحجار
02/10/2023  //  كتاب الدستور اللبناني طبعة ثانية


صدرت الطبعة الاولى من هذا الكتاب في العام 2004. وكان مرّ حوالي خمسة عشر عاماً على وثيقة الوفاق الوطني وصدور القانون الدستوري رقم 18/90، ومن ثم كان لا بد للطبعة الاولى أن تأخذ بعين اعتبار التعديلات الدستورية الصادرة بموجب القانون رقم 18/90، ومسار الحياة السياسية منذ هذا التعديل ولغاية صدور تلك الطبعة.
ولكن بعد اتفاق الطائف الذي استبشر اللبنانيون به خيراً، لم يستقر الوضع الدستوري تماماً، خصوصاً بعد أن وصل الأمر في النصف الثاني من ولاية الرئيس إِميل لحود إلى حد صعوبة انعقاد مجلس الوزراء إلاّ بوساطة ورعاية من الشقيقة سوريا، وهذا ما دفع المواطن اللبناني حينها إلى التفكير عما سيكون عليه الوضع في حال لم يتدخل الراعي السوري لتأمين انتظام عمل السلطات(. وفي هذا السياق كتب الصحافي جهاد الزين مقالاً جاء العنوان كتساؤل بصيغة الاستفهام على الشكل التالي: «أي لبنان بعد الانسحاب العسكري السوري» وقد ورد فيه ان «النقاش الوطني الجاد والمسؤول الذي ينبغي فتحه الآن على مستوى النخبة المفكرة لبنانياً من المفترض أن يتناول نقاطاً جوهرية عديدة:
أولها أي بديل «مرجعي» للتماسك اللبناني الداخلي، ومن هي القوى اللبنانية القادرة فعلاً على تقديم هذا المشروع البديل للتماسك الداخلي؟» (جريدة النهار تاريخ 18/9/2004 ص 8).
وسرعان ما تلاحقت الايام، بعد انتهاء التدخل المباشر للراعي السوري بعد انسحاب القوات السورية من لبنان على أثر وقوع جريمة العصر التي حصلت في العام 2005 التي استهدفت وذهب ضحيتها مع رفاقه الشهيد رفيق الحريري. وقد أثبت الايام بعد ذلك ووصولاً الى انتهاء عهد الرئيس ميشال عون ان الوضع الدستوري استمر غير مستقر خصوصاً لجهة استمرار التعثّر في تشكيل الحكومات او انتخاب رئيس للجمهورية لفترات طويلة. وصولاً الى ان أصبح انتخاب رئيس جمهورية بحاجة الى أشهر أو حتى سنوات، فمثلاً انتهى عهد الرئيس ميشال سليمان بتاريخ 4/5/2014؛ ولكن لم يتم انتخاب خليفة له الاّ بعد أكثر من سنتين حين تم انتخاب الرئيس ميشال عون في 31/11/2016 الذي انتهى عهده في 31/11/2022، وعند دفع هذه الطبعة من الكتاب في الأسبوع الأول من شهر آب 2023 كان المركز لا يزال شاغراً 
وبالمناسبة لا بد من تسجيل معلومة راسخة في ذاكرتي منذ ستينيات القرن الماضي، وهي التالية: منذ عهد الاستقلال كان تاريخ انتخاب ووقت بدء ولاية رئيس الجمهورية في لبنان هو 23 أيلول من العام السادس لولاية الرئيس وذلك لان من كان يتولى المسؤولية في المؤسسات الدستورية كان يتحلّى بروح المسؤولية الوطنية التي تمنعه من التخلّف عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية أو أي واجب وطني. وقد استمر الوضع كذلك - أي حصول بدء ولاية الرئيس في 23 ايلول - الى تسعينيات القرن الماضي حين وصل العدد الأكبر ممن تولّوا المسؤولية في المؤسسات الدستورية وبالأخص مجلس النواب من كان يحجز لنفسه مقعداً في باصات أو فانات رؤساء أو مشايخ القبائل!!!
وحيال عدم الاستقرار في الحياة السياسية وعدم انتظام الحياة الدستورية كانت ترتفع دوماً أصوات بعض القوى السياسية تركز على سلاح حزب الله  وضرورة وضع خطة دفاعية أو ضرورة اجراء تعديلات دستورية حتى وصل الوضع في نهاية الرئيس ميشال عون الى طروحات صريحة حول مستقبل لبنان وصولاً الى طرح الاتحادية (الفدرالية) _ وهي العبارة المتداولة في لبنان وهي لفظ بالعربية للعبارة الأجنبية Federal وهي موضة دارجة في لبنان-؛ ولكن الاتحادية تكون بين أقاليم وليس بين طوائف منتشرة بين كل أقاليم الدولة الاّ اذا كان دعاة الاتحادية يوافقون على تهجير أبناء الطوائف المختلفة الى الإقليم الذي يخصص لطائفتهم، وبمعنى أدق يوافقون على الفرز السكاني  كما سيرد في متن هذا الكتاب (راجع لاحقاً البند 55 وما يليه)
 وتبعاً لذلك انا أُجيب اليوم على تساؤل الأستاذ جهاد الزين عن البديل المرجعي للتماسك اللبناني الداخلي لحظة دفع هذه الطبعة من الكتاب الى المطبعة، بالقول:
 ان البديل المرجعي يسير في طريق واحد هو التزام كل المكونات السياسية والطائفية في لبنان بمفهوم الوطن (الذي يُفترض ان تتربّى الناشئة على أساس الولاء له وحده) ومفهوم الدولة منذ بداية أول مفهوم للدولة (كان أول مفهوم للدولة، قبل ان تصبح الدولة الرحمن التي تعمل لرفاه مواطنيها، هو مفهوم الدولة الدركي «l’Etat gendarme» أي التي تحتكر وحدها القوى العامة والقوات المسلحة؛ وتالياً الالتزام بالدستور اللبناني بصيغته المعدلة بموجب القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21/9/1990، الذي كرّس ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني بان أدخل تعديلات جذرية على دستور 1926
جاء في البند ب: «لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية، وملتزم مواثيقها...» وتبعاً لذلك فان التربية المدنية في لبنان يجب ان تكون بان يتربّى الناشئة على أساس ان هوية وطنهم عربية بصرف النظر عن الانتماء أو المرجعية الدينية للمواطن. 
كما ان البند أ كان ذكر ان «لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع ابنائه» بمعنى ان هناك وطناً يعيش فيه اللبنانيون وأول مفهوم للوطن ان يتربى الناشئة على أساس ان الولاء السياسي يكون للوطن الواحد ولا يمكن ان يتجزأ هذا الولاء بين الوطن لبنان وبين وطن او دولة أخرى بمفهوم الوطن، بحيث لا يمكن الدمج بين الولاء الوطني والهوية العربية في لبنان وبين الانتماء الديني، وكانت هذه المشكلة تتجلّى في أول الأمر بنظرة طائفة من بين الطوائف اللبنانية الى فرنسا كأمٍ حنون، وفي المرحلة الأخيرة تجلت هذه المشكلة مع طائفة أخرى تدمج بين انتمائها الديني وولائها السياسي، وهذه المشكلة ستبقى دوماً قائمة طالما لم يتفق اللبنانيون بكل طوائفهم على الهوية العربية والولاء لوطن اسمه   لبنان أو على اية هوية أخرى يتفقون عليها لهذا الوطن 
كذلك جاء في البند ه: «النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها» كما جاء في البند ج: «لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية»، ومن ثم فان التعاون والتوازن بين السلطات يقتضي ان لا تتدخل اية سلطة من السلطات الدستورية بعمل سلطة أخرى كأن تتدخل رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس الوزراء بعمل وصلاحيات مجلس النواب او رئاسته والعكس بالعكس، كما ان جوهر النظام البرلماني وما يميزه عن النظام الرئاسي او النظام المجلسي هو ان الحكومة هي التي تمارس السلطة التنفيذية وهي تحكم بثقة البرلمان وليس بثقة رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب، ومن ثم يصح القول ان الطروحات  اليوم بضرورة اتباع النظام التوافقي هو مناقض تماماً للنظام البرلماني ويوحي ان هناك دولاً أو قبائل متعددة لا يمكن ان يسير الحكم بدون اتفاق مشايخها أو رؤساء القبائل فيها، وبما كان دوماً يعطل سير وانتظام عمل السلطات الدستورية. كذلك ان عقد جلسات عمل بين رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب وبعض الوزراء للبحث في أمور وزاراتهم، كلها تشكل نقيضاً للنظام البرلماني
  وتبعاً لذلك يصح القول انه ما لم يتم التخاطب بين جميع المكونات اللبنانية بصراحة ووضوح حول مدى توافقهم على هذه الأمور أو بالعبارة الصريحة على وجود وطن اسمه  لبنان والالتزام بأحكام الدستور، ستبقى كل الطروحات والحوارات الأخرى تجانب المشكلة الحقيقية في لبنان وهي مشكلة وطنية وليست مشكلة سياسية ولا مشكلة نظام وصلاحيات، ذلك ان كل المسائل التي كان يتم طرحها في جلسات الحوارات أو المشاورات التي سبق ان انعقدت أو يُطالب البعض أو الموفدون الأجانب بها تجد حلاً واحداً لها  عند الالتزام بمفهوم الوطن ومفهوم الدولة والالتزام بالدستور 
وبالفعل، ان الحوارات والمؤتمرات التي انعقدت بعد تسعينيات القرن أو التي يتم الدعوة اليها حالياً أو مستقبلاً والحلول التي انبثقت أو قد تنبثق عنها بقيت وستبقى حلولاً ظرفية أو مرحلية مؤقتة وعلى هامش الدستور، وسيبقى لبنان قبائل وعشائر لا هوية وطنية تجمع بين أبنائه، وستتجدد الانقسامات والاحداث المؤلمة في كل مرة يصبح مكّون من المكونات اللبنانية في وضع من فائض القوة يمكنّه من فروض شروطه على الآخرين. ولنا في الأدوار التاريخية التي مرت على لبنان شاهد على ذلك في ثلاثة أدوار:
الدور الأول هو الذي بدأ واستمر طيلة عهد الانتداب الفرنسي وكان فائض القوة عند الطوائف المسيحية وبالأخص الطائفة المارونية ذلك ان دولة سلطات الانتداب   كانت الأم الحنون لهذه الطوائف
أما الدور الثاني هو الذي بدأ في الخمسينيات من القرن الماضي مع سطوع نجم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في مصر ومن بعده تمركز الفصائل الفلسطينية في لبنان منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي فأصبح فائض القوة يتجه باتجاه الطوائف الاسلامية وبالأخص الطائفة السنية، ومن ثم جاء اتفاق القاهرة عام 1969 كنتيجة لانتقال فائض القوة الى من كان بمثابة الأم الحنون لهذه الطوائف 
أما الدور الثالث هو الذي بدأ منذ أوائل الثمانينات مع الثورة في ايران وبداية عمل وتسليح المقاومة الإسلامية في لبنان حيث انتقل فائض القوة الى الطائفة الشيعية وحدها وبثنائيتها المعروفة - حركة امل وحزب الله - 
ومن كان يتابع الاحداث في كل دور من هذه الأدوار يعلم جيداً كيف كان فائض القوة يبدأ بطروحات نظرية لينتقل بعدها الى انقسامات وأحداث داخلية مؤلمة لينتهي بضرورة عقد مؤتمرات داخل لبنان أو خارجه برعاية دولية لإجراء تعديلات جديدة في قواعد المشاركة في السلطة وفي النظام السياسي اللبناني، بما يتناسب مع فائض القوة.
 من هنا نقول اذا كانت الأدوار الثلاثة منحت فائض القوة الى الطوائف التي أشرنا اليها، فانا أتساءل لمن سيكون فائض القوة في الدور الرابع، وكم من الأضرار المادية أو البشرية التي سينتهي بها هذا الدور؟  كل ذلك ما لم يتصارح اللبنانيون على الهوية الوطنية والمواطنية والنظام السياسي في البلد، واذا لم تتفق كل المكونات اللبنانية على ذلك فليتجه البحث والحوار الى ابتكار صيغة تتعايش فيها هذه المكونات ضمن ايديولجيها ولكن بسلام
ولا بد من الإشارة هنا الى انه بعد صدور الطبعة الاولى عام 2004 كنت أنشر أحياناً دراسات ومقالات بالمواضيع التي كان يكثر فيها نوع من الجدل العقيم بموضوع المشاركة في السلطة، ومن ثم وجدت من المفيد ان أُضمّن هذا الطبعة ملحقاً يحتوي على تلك المقالات